عن مواجهة الامتيازات
في البداية قلت لنفسي إيه الأفورة ديه. بعدين أدركت إن عمري ما كنت فكرت في الموضوع قبل كده .. لأني بكل بساطة معرفش.
فلما شرحتلي إن هي اللي لازم تشيل قاعدة الحمام وتنضفها في كل مرة بتخشه فيها، بينما الراجل عادي يطرطر عليها من غير ما يتأثر، فهمت قصدها لما قالت إن تصميم الكابينيه بيدي الراجل سلطة ... سلطة طرطشة طرطرته في كل حته لأن الكابينيه بيسهل المهمة علي اللي واقف، و بيصعبها علي اللي قاعد. و يشهد علي ده كم المرات اللي أمي هزقتني فيها و أنا طفل علشان أرفع القاعدة قبل ما أطرطر 😂.
بعدها عملت بحث سريع عن مصممي التواليتات و عرفت إن كلهم كانوا رجالة .. بلا إستثناء.
طيب عايز أتساءل هنا: هل أنا في الموقف ده شخص غير مكترث بحقوق الستات، ولا شخص جاهل، ولا الاتنين؟ بسأل السؤال ده بمناسبة البوست اللي داير و بيشرح فكرة الإمتيازات الطبقية و ظاهرة عدم إدراك الإنتربونرز الجدد من الأثرياء لامتيازاتهم ... وتخيلهم إن هم جابوا الديب من ديله و كده .. بوست عبقري و مهم. في آخر البوست فيه نقطة مذكورة عن عدم إلتماس الأعذار للي مش مدرك إمتيازاته "لأنه اتولد غني ومتعرضش لمشاكل الفقراء ديه".
الطرح ده مهم. مهم لأنه بيفرض علينا التفكير في تعريف كلمة "إمتياز" و مطها حبتين. إمتياز الفلوس في رأيي هو أهم إمتياز و أقواها تأثير في مجتمعنا .. بس فيه إمتيازات تانية كتير، زي إمتياز القدرة الجسدية، أو إمتياز الجنس، أو الدين أو اللون .. و غيره ..
أظن إن فكرة "أنا مش فاهم لأني ما شفتش" تستحق الدعبسة بدل من الحكم البات. و ده لأنها واردة تحصل مع كل أشكال الإمتيازات. و بتطرح تساؤل مهم عن مسؤولية التعلم عن الإمتيازات، و بتقع علي مين؟
هل هي بتقع علي الأطفال الأغنياء في مصر اللي في انعزال تام؟ ولا بتقع علي الأهالي؟ ولا علي المدارس؟ ولا علي الدولة ولا علي المجتمع؟ ... ولا علي الجميع؟ طب و إزاي نتعامل معاها؟ فيه مجال في الدراسات التربوية اسمه Intersectional privilege studies" pedagogy" أو "الدراسات التربوية في تقاطع الإمتيازات". هدفه الأساسي هو البحث في سؤال إزاي ندمج مواجهة الطلبة لامتيازاتهم الشخصية في التعليم و نفككها بشكل يشجعنا كلنا علي تغيير الواقع؟ واحدة من أهم النقط اللي بيأكدوا عليها هي إن لما نواجه الأطفال بامتيازاتهم الطاغية، لازم نوري إن هم كمان ضحايا إنعدام الإمتيازات في حالات تانية.
و ده لأن فيه مثلا أبحاث ورت تأثير المناهج المصممة خصيصا لإظهار الأطفال البيض في أمريكا كأصحاب إمتيازات. اتضح إن المناهج اللي مش بتتكلم غير عن إزاي هم مستغلين و مستفيدين من الوضع القائم بسبب لون بشرتهم - و هي حقيقة غير كاملة - في أحيان كتير بتكون ليها تأثير عكسي.
فبينتهى بيهم الحال مش عايزين يغيروا أي حاجة لأن الموضوع مش جايب همه ... ما إحنا كده كده شياطين و البديل هو خسارة كل حاجة.
يعني لما البنت تفهم إنها مظلومة أكتر من الولد اللي معاها في الفصل حتي لو بتشاركه نفس الطبقة الإجتماعية، علشان مش بتعرف تركب uber و تروح المول لوحدها، ممكن تنمي تعاطف أكتر مع بنات تانيين بالرغم من عدم مشاركتهن نفس الطبقة الإجتماعية.
و لما الولد الغني المسيحي يفهم إن القهر اللي بيواجهه فيه أوجه تشابه بينه و بين القهر اللي ولد مسلم فقير بيواجهه، يمكن يكون فيه أمل أكبر. في الآخر الإتنين مش بيعرفوا يخشوا أماكن. بس واحد مش بيعرف يخش المنتخب علشان دينه، و التاني مش عارف يخش الجامعة الأمريكية علشان ظروفه المادية.
و أن الولد اللي علي كرسي متحرك تجربته مع قاعدة الحمام شبيهة بتجربة البنات اللي معاه في الفصل.
يمكن لو فكرنا في طرق تشريح تقاطعات إمتيازاتنا من سن صغير بمختلف أنواعها، نقدر نقلل أحكامنا علي البشر باللامبالاة ... و نقلل معاها عدد الانتبررونرز اللي فاكرين إن هم يستحقوا كل شيء جالهم في العالم.